سر القبعة

جدة ٢٣/٩/٢٠١٤الوجوه ضبابية، الكلمات تنمحي أمام عيني، الحروف تتشابك. لا معنى لما أكتب.. مازال أمر القبعة يشغلني.. قبعةٌ من الخوص الأصلي، من شجر النخيل استقت رائحتها، ومن سعفه تشكلت. قبعةٌ ظل صاحبها يبحث عنها شهوراً طوال، قبعةٌ كانت وصيته لعدد من الناس، كلٌ منهم يبحث عنها. لا أحد يحالفه التوفيق، وهو مشغولٌ بها، أخيراً وبعد جهدٍ جهيد وجد ضالته في يوم جميل، واشترى القبعة. وبدأت الرحلة في المحافظة على القبعة التي يبدو أنها تحاطُ بالأسرار، سر الوجود وسر البقاء. أمسكتها بل فركتها بين يدي لعلي أجد مارد المصباح قد رحل وسكن القبعة..مرت الأيام وانشغلتُ في أمور الحياة وازدحام المهام ولكني لم أنسَ أمر القبعة، وفجأة وصلتني صورة القبعة، لا أعلم هل صاحبها هو الذي يلبسها أم هي التي تلبس صاحبها، وتحت الصورة كتب معلقاً: “بالمناسبة القبعة طارت في النهر وأنا آخذ هذه الصورة”، ابتسمت، فقد ضاعت القبعة من جديد وكانت هذه آخر ذكرى لها. في اليوم التالي كتبت إليه قائلة: “ما سر القبعة؟” قال: لا زلت تستعجلين، التريث يا أمة الله خصلة تجهلينها وصفة تفتقدينها. ثم أردف: يبدو لكِ سؤالاً بسيطاً في فحواه، لكنه عظيماً في معناه؟ وأضاف: الصبر والتريث هما من فنون إيجاد القبعة، أما سرها فسوف تعرفينه يوماً لو أجدت فنونها. قلت: سأصبر. وهل لي غير التريث اختياراً آخر وأنا التي أصبو للمعرفة؟ قبعةٌ من الخوص صُنعَت، وبشجر الورد اختلطت، لها مقدرة على حفظ الثوابت وحل المشكلات وصنع الأوهام. قبعة اختلطت برائحة الياسمين وتجارب الحياة، قبعةٌ ترى وتنظر بعينين ثاقبتين ورؤيا حكيمٍ هنديٍ قديم، أصبحتُ أراها في منامي وأفكر فيها في يقظتي. فما هو سر القبعة؟

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *