بفستان السهرة والحذاء الفضي اللامع من تحت عباءتي السوداء، أدخل “كتيكت” في شارع الأندلس للمرة الأولى في حياتي، لكي أشتري عشاء، “الساعة تشير إلى الثالثة فجرا”.. ما زالت أحداث الليلة تمر في ذهني، صوت الموسيقى العالية تصدح في قاعة سندريلا للأفراح بالفندق في حي البغدادية بشارع خالد بن الوليد بجدة.. لا أكاد أتنبه للموسيقى من فرط انشغالي بكِ يا سميرة.لا اصدق ان الليلة ليلة عرسكسميرة أنتِ قصة نجاحسميرة أنتِ قصة كفاحسمورة كما تعودتُ أن أناديكِ دوما كم أنا اليوم سعيدة.. البنت الصغيرة في حجمها لكن الكبيرة في قلبها وطموحها ها هي تنال أول استحقاقاتها رجل محترم تبدو عليه المسئولية والالتزام الأخلاقي بوضوح، ، تشاركه مشروعها الاستثماري الأول، بل تشاركه حياتها لكي يملأها عليها بما تستحقه، يعوضها ما افتقدته من حنان الأب وعطف الأم، يُربي معها قططها التي ما تركت واحدة منهم يوما جائعة أو مريضة.سمورة أنت اليتيمة التي عرفتها وعمرها ثمانية عشر عاما، أنت التي كانت تتابعني بأسئلتها المتلاحقة في مركز التدريب والاستشارات لكي تتعلم وتتدرب ثم بعد ذلك لكي تتفوق، التي قدرت محاولاتي معها في استخراج الأوراق الثبوتية وتشجيعي لها.. ينطبق عليك يا سمورة “إذا أكرمت الكريم ملكته” وكم تعاملت مع الشطر الثاني من البيت من قبل واعتدت عليه من البشر..أذكر دموعك حين كنت تشعرين ببعض همزات ولمزات زميلاتك في العمل لأنك مختلفة، أذكر كلماتي لك “نحن في مجتمعات لا تحترم الاختلاف، مجتمعات نمطية، لا يتقبل أحدنا الآخر إلا لو كان من نفس الفصيلة، دعك من ذلك كله ابنتي، أعداء النجاح هن في كل مكان”.. كنتِ تمسحين دموعك وتقومين من جديد وانا أرى في عينيك الإصرار والعزيمة..لا أنسى فرحتي بك يوم بشرتيني بقبولك في جامعة دار الحكمة الخاصة، طالبة يتيمة مثلك تساوي بنات عوائل جدة الثريات! من شقتك المريحة البسيطة في حي الكندرة تنتقلين لجامعتك الفخمة ثم بهرتيني بسفرك لبريطانيا ودراستك اللغة الانجليزية. سمورة مثلك لا يعرف المستحيل، أنت التي درست في مدارس تحفيظ القرآن بالكندرة لأن كل المدارس الحكومية أو الخاصة الثانية كانت تطلب أوراقا ثبوتية لا تستطيعين توفيرها بعد وفاة والدك ووالدتك.. صوت “سامي يوسف” يقول Allah send your deeds and blessings وأنت تزفين أمامي في شكل وحجم لعبة “پارپي”.. الجميلة “حبك إنت خلاني ، ما فيش حاجة ناقصاني” القاعة تصدح بالأغاني والدموع تملأ العيون.. بلا شك هذا الفرح يستدعي الدموع.. أنا في حالة عشق دائم وفي حالة هيام شامل، حبي للعروسين الليلة يملؤني عبد الكريم الذي فقد والده وربته والدته، السيدة الفاضلة التي بكت ولم تتمالك نفسها وهي تسأل عنك يا سميرة.. هل تستحقين ابنها؟ هل ستخافين الله فيه؟ هل ستكونين الزوجة الصالحة التي تعينه على دينه ودنياه؟ كلاكما كان يبحث عن الآخر لكن قدر الله كان لكما بالمرصاد، كانت دورة تدريبية وكان لقاء، كان عمل وكان احتكاك ومن ثم ولد الحب تقيا وصافيا أنتظر بترقب، أنتظر بشغف الفرحة القادمة، أنتظر موعد تخرجك من الجامعة، يا سمورة أنتِ قصة نجاح وفلاح
