الفيلم الإيراني

على متن الطائرة العُمانية من جدة إلى مسقط، أقلعت الطائرة وأمامي ساعتين ونصف تقريباً حتى أصل إلى مسقط. بدأت البحث عن كتابي لكن للأسف يبدو إني نسيت أن أحمله معي في حقيبة يدي..

لا كتاب، لا رواية، لا أعلم كيف سأقضي الرحلة؟ بدأتُ أُقلِب القنوات لانتقاء فيلم لمشاهدته لكني جدا متخيرة ولا يصلح معي أفلام هوليوود العادية، أحتاج شيئاً مختلفاً.

أنا أحترم أفكاري ولا أحب الوقوع تحت تأثير الإعلام الهوليودي الموجه.

بحثت في الأفلام العالمية، أحب البحث في الثقافات المختلفة، والاطلاع على العادات المتنوعة، وجدت أفلاماً من أكثر من عشرين دولة بعشرين لغة مختلفة، كلها ناطقة باللغة الأم، لكنها تحمل الترجمة المكتوبة باللغة الانجليزية. اخترت فيلما واحداً من الأفلام الإيرانية الثلاثة المعروضة لمشاهدته اسمه “ملبورن”، قرأت الملخص ويبدو جيداً، الزوج “أمير” وزوجته “سارة” سيرحلان من إيران الى ملبورن للدراسة ويرافق ذلك بعض الأحداث الغير معتادة.

مضت أكثر من نصف ساعة من المشاهدة البطيئة لكني كنت متمتعة بالنظر الى توافق العادات والتقاليد بيننا وبينهم، وإلى تقارب اللغة المنطوقة، وتشابه الكلمات، والنظر في العمق الإنساني.

وفجأة وقعتْ الحبكة القصصية، مات الرضيع الذي كانا يجالسانه ويحافظان عليه عندهما لحين عودة جيرانهما الجدد من عند الطبيب. مات الرضيع في المهد، مات وهو نائم بدون أن يرضع أو يبكي، مات بدون أن يظهر عليه أي نوع من المعاناة. وبدأت المشاهد تأخذ اتجاهاً مختلفاً، اتجاهاً مزعجاً من اللاواقعية، من التخبط، الكذب والخداع. التهرب من مواجهة الموقف.

عندها شعرتُ بجسدي متوتراً، وأعصابي مشدودة، أصابعي تطرقع، وشفايفي تتعرض لعض شديد من أسناني، قدماي تهتزان بسرعة.

لحظة صحوة فكرية واحدة لحال جسدي ونفسيتي، وقررتُ مباشرةً اغلاق الفيلم والبحث عن فيلم هوليودي سخيف أقطع به الباقي من الرحلة، ولا لن أبحث عن فوائد المشاهدة، يكفيني الراحة النفسية والذكاء العاطفي والاجتماعي، والحلول المنطقية في الأفلام الأجنبية.

الفيلم الإيراني يمثل الحياة الاجتماعية الشرقية، لا فرق بينه وبين الفيلم العربي، البساطة هدف لتحصيل الراحة الدنيوية، والمنطق هدف لتحصيل الهدوء الفكري.

فلنمارس البساطة والمنطق، التلقائية ومواجهة المخاوف، ونغلق كافة القنوات التي تذيع ما يخالف ذلك.

ريم بخيت

مسقط/ عمان

٢٨ ديسمبر ٢٠١٥

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *