كامبردج / أمريكا١٩ مايو ٢٠١٥
صالة الطعام مكتظة بالنزلاء في هذا الفندق العائلي، حيث نقطن منذ أيام قليلة. أبحث عن العسل بين أطباق الطعام المختلفة، وجدت أحد النزلاء من الأمريكيين، ومعه طفل يتصارع معه في وضع الطعام، يقف بتصلب أمام مغلفات زبدة الفول السوداني والزبدة والمربيات، وأنا أحشر نفسي في ذات الزاوية، لابد أن يكون العسل مع هذه الأصناف كما هو معتاد.. لكن لا أجد العسل بين هذه الأصناف، التفت إليه، فتلاقت عينانا، قلت له:-أنا أبحث عن العسل.قال: -وأنا كذلك، لا أجده. ابتسمنا، ومضى كل منا في طريق الطعام. جلست على المائدة مع أفراد عائلتي، وجدت والدتي العسل موضوعا مع أنواع السكر والمحليات بالقرب من القهوة والشاي، أخذت من العسل وحليت به طعامي وحمدت الله على نعمه، وانتهيت من تناول طعام الإفطار. وفجأة أجد الرجل الأمريكي يحيينا، ويقدم لي بيده اليمنى علبة من علب العسل المغلفة قائلا:-وجدت العسل، ففكرت أنك تحتاجينه فأحضرت لك بعضا منه. ثم أرشدني بحرارة لموقع العسل وسط الموائد بجوار القهوة. وعلبة العسل الفارغة التي التهمتها منذ قليل تقبع أمامي. كانت عبوة العسل الفارغة أمامي شاهدة على أني حطمت قاعدة “حب لأخيك ما تحب لنفسك” فالتهمت العسل قريرة العين، مرتاحة البال والخاطر والضمير، وعبوة العسل الجديدة التي أهداني إياها الرجل الغريب هي شاهد “حسن الخلق والمشاركة”.. تربية راقية وفكر إنساني أفتقد له أنا شخصياً، أثر في الموقف كثيراً وتركني أسيرة نقد الذات وتقييم الأداء. كل يوم نتعلم وكل يوم نتطور، وكل يوم نتألم.. المهم أن نتغير، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..
ريم بخيت
مستشارة تربوية واجتماعية/ ناشطة بيئية
