الهندية

مستقبل حاضرفي غبش ما بعد الغروب، وبينما كانا يجلسان تحت النجوم، في مَطّل وادي له تاريخ، ظهرت فتاتان في ريعان الشباب؛أحداهما سمراء من أصول هندية، والأخرى شقراء من أصول شركسية. كان هو وقتها مشغولاً بالحوار، منغمس في فكرة يفتل لها حبال.

أمر ما شده للفتاة الهندية ذات العيون العسلية،فأرتبك وانقطع الحديث.لاحظت هي ارتباكه،فاستعلمت عن السبب؟تعلثم وحاول اكمال الحوار واصلا- بصعوبة- السبب بالسبب. في الليلة التالية، في غبش ما بعد الغروب، وبينما هما يجلسان في نفس المَطّل ،لكن تحت مظلة تحميمها من رذاذ مطر، بادرت هي بالحديث:- أنت تحيرني. -لم؟ — كيف رتبت الحدث بعد الحدث؟ — عم تتحدثين؟ — عن اليوم الذي قضيناه في الأودية وبين الأنهار، كيف عرفت أن الفتاة ستكون بصحبتنا؟ — لا يعلم الغيب إلا الله. — لم ارتبكت، إذاً، وتلعثمت عندما رأيتها لأول مرة؟ — إنها مجرد تقاطعات. — لم لا تكون مجرد ترتيبات؟ — القدر يكتب ونحن نرتب. — أتقصد إننا بيادق؛ لا ترتب بل تسير. — مالذي تبحثين عنه؟ — عن سر ارتباكك عندما رأيت الفتاة الهندية للمرة الأولى. — الأمر وما فيه مجرد وهم. — من الموهم ومن المتوهم؟ — سأكشف لك السر وأتركك تبحثين عن الجواب.- بالأمس كنا أنا وهي غرباء.-  في الغد التقينا وتآخينا، والآن تقابلنا.ضعي، الآن. كل ذلك تحت ما شئت من المسميات؛لحظة، ترتيبات القدر أو ما شئت المسميات!عائلة كبيرة من الأوهام، اسمها خط الزمن. والآن، اقفلي ذلك الخط واجعليه ذا متجه واحد، ليصير المستقبل عماء،الماضي صندوق منسيات،والحاضر كله مفاجآت.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *