التين

رسمتُ عنوان عامودي بكلمة التين، فكأني في كل مقالٍ أقطفُ تينة، أَصِفُ فصوصها وتناسق حجمها وحلو طعمها، وأحياناً تكون التينة لم تنضج بعد، أو استوت فاهترأت، أو قد أصابها الدود.”التينة: قالوا وقلنا أُقلِبُ صفحاتِ وسائلِ التواصل الاجتماعي كعادتي اليومية، مجموعات “الواتزأب” التي أنا عضوة فيها تقريباً تجتمع كل منها على وضع الخبر ونشره، تلك المغنية الغربية المشهورة مع هذا الشاب من بني جلدتنا، والمعروفة عائلته في وسطنا الاجتماعي. الصورُ مستفزةٌ، صورُ تشهيرٍ بلا شك، لا أعلم كيف دخل المصورُ للحمام الشخصي للمعنيين؟ كيف صورهما في وضعيات مثيرة؟ ولكن هذا لا يعنيني، فلا بد أن مثل هذه الصور تعد سبقاً صحفياً يتسارع المستفيدون للحصول عليه، في عالمٍ قل فيه الوعيُ بالقيمة الفعلية للمعلومة أو الخبر. وصار السبق الصحفي يتمثل في فضيحة أو كارثة أو مشاهد قتلى وجرحى في حروب.

أشعرُ بمعدتي تتقلص، وبدأت أفكر في والديه. إن عالمنا الشرقي يحاسب الوالدين على تربية أبنائهم وبناتهم حتى بعد أن يصلوا لعمر الشيخوخة، ويجلدهم على أخطاء ذريتهم، بل وعلى خياراتهم، كيف يشعر هؤلاء الآن؟ وتخيلت ما وقع ذلك على أخواته وإخوانه وباقي أفراد أسرته في مجتمعٍ يربطُ بين ذوي القربى في الصلاح والسمعة.لا نستطيع إيقاف السيل المتراكم من الصور وتناقل الخبر بين الناس، بل قد أصبح الخبر حديث المجالس وفاكهة جلسات السمر. فماذا نستطيع أن نفعل؟ ما هو الدور الذي لابد من أن يلعبه مثلي أو مثلكم؟؟ سؤال استثارني وحفزني من أجل تأصيل الأمر. أنا الآن لا أناقش القيم ولا الأسماء ولا الديانات، وإنما أناقش فقط دورنا كبشر في تناقل أخبار الآخرين، وحكمنا عليهم. تذكرتُ شاعراً شاباً من سنواتٍ قليلةٍ اتهم بالردةِ عن الإسلامِ والخروج من الدين بسبب أبياتٍ من الشعر نشرَها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وآخر نُشرت صورُه وهو يعزف في حفل موسيقي -وقتها كان هذا الفعل تحدٍ سافرٍ للدين والمجتمع-، وأخرى ساقت الدراجة في وضح النهار، وأخرى لبستْ عباءةً ملونةً في زمنٍ كان السوادُ فيه هو رمز النقاء والطهر.

وهكذا تتوالى القصصُ التي يتناقلها الناس، والصور التي يتداولوها والأسماء التي نشهر بها. لا يؤمن أحدكم حتى يحب لغيره ما يحب لنفسه، رأيتُ نفسي أربت على كتفي والداتهم جميعا، وأطمئن والديهم جميعاً. لا تخافوا على أنفسكم ولا على باقي أفراد أسرتكم، أو أبنائكم، كله سيئول إلى خيرٍ في النهاية.  إنها فقط تجاربٌ تزيدكم وتزيدهم نضجاً وحنكةً وحكمةً، إنها قصة حياة كل منهم بدأت تُكتب سطورها. إنها عنقُ زجاجةٍ لن يلبث أن ينتهي ضيقه فتخرجوا لفضاءٍ واسعٍ. إنه وقت الدعاء واللجوء لله عزوجل فوق السماوات، إنها حكمة الصدقة وعمل الطيبات وتفريج الكربات، حتى نصلَ لتمام الاستسلام ونعيشَ الخضوع لله وحده، فلا نتأثرُ لكلمةِ إنسان ولا لرأيِ آخر..

ريم بخيت 1/7/2017

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *